أسعد سمور- دخلوا الـ"ايدين باي" اعتقدت أن هذه العبارة هي آخر التحركات لذلك اليوم الثوري الطويل الذي بدأ من الاعتصامات الشعبية أمام المؤسسات والمقار الحكومية ولم ينته مع مظاهرات حاشدة في ساحتي رياض الصلح والشهداء. تعتقد لوهلة أن الثوار في الشوارع قد أنهوا يومهم المتمرد فجأة تسمع قرعا يأتي من بعيد، تخرج إلى شرفة المبنى وتنظر من حولك، لحظات وتسمع قرعا من جديد، إنه صوت "ٌقرع الطناجر"، لحظات قليلا وأصوات القرع تبدأ بالازدياد الاصوات تخرج من المباني المختلفة وصوت القرع يشتد. إذا مع نهاية النهار كان اللبنانيون ينتفضون من الشوارع وفي البيوت.
على صوت قرع الطناجر انتهى اليوم الـ21 للثورة. طلاب المدارس والجامعات كانوا ينتظرون الصباح. ليزهروا في شوارع المدن والقرى. خاض تلاميذ المدارس نضالهم الأول ضد قرارات المدارس التي تريد أن تمنعهم من التظاهر، كسروا نظامها التربوي الذي يربي على الخضوع، هؤلاء التلاميذ الصغار بسنين عمرهم علموا أساتذتهم و إدارات مدارسهم أهمية أن يقولوا لا في وجه الاستبداد.
خرج التلاميذ من كل مدارس لبنان من النبطية المقاومة إلى بعلبك قلعة الفقراء مرورا بكل ساحات الوطن. خرجوا ليقولوا للعجائز المتمسكين بكراسي الحكم "إرحلوا هذه البلاد لنا" خرجوا ليقولوا لنا نحن أيضا نريد أن نبني مستقبلنا، أليسوا هم الاجيال التي يجب أن نبني عليها، أليسوا هم الغد الأفضل الذي أردنا نكونه؟
خروج التلاميذ في هذه المظاهرات الحاشدة وحسهم التضامني يطمئننا إلى مستقبل بلادنا وأولادنا، ويؤكد لنا أن شعاع الأمل لن تستطيع أي قوة ظلامية مهما كبرت أن تغطيه. تحركات التلاميذ هي أيضا ثورة على النظام التربوي والتعليمي، هي في جوهرها ثورة على المدرسة في لبنان. لقد نبهنا هؤلاء الثوار أن الوعي الطائفي والمذهبي يتأسس في المدرسة أولا، المسألة ليست فقط نهب أموال الفقراء من خلال الأقساط الخيالية، المسألة هي مسألة تنشئة وتوعية أجيال تربيهم مدارسهم على تمجيد الزعيم وتجميل الهزائم والمجاملة الكاذبة بين الطوائف. لقد أسقط التلاميذ اليوم كل المنظومة القيمية العفنة لمدارس لبنان، أسقطوا سطوتها الفكرية في وعي شابات وشبان مازالوا في طور تأسيس شخصيتهم.